تحاول بيلاروسيا جذب معدنيين العملات الرقمية بضرائب منخفضة لتعزيز اقتصادها.
هل سيضخ المستثمرون العالميون الأموال في بلد يشار إليه غالبًا باسم “آخر ديكتاتورية في أوروبا”؟
هل ستجذب بيلاروسيا معدنيين العملات الرقمية وسط العقوبات والحرب الروسية الأوكرانية؟
في عام 2017 ، وقع الرئيس ألكسندر لوكاشينكو مرسوماً لتسهيل إنشاء شركات عالية التقنية، بما في ذلك تعدين العملات المشفرة.
كما أقر المرسوم، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2018، بأن العقود الذكية واجبة التنفيذ قانونًا – وهي سابقة عالمية.
في الآونة الأخيرة، في سبتمبر 2021، قدمت بيلاروسيا تعريفة خاصة للكهرباء لمعدنيين العملات الرقمية؛ في يناير بدأت في تمهيد الطريق لصناديق الاستثمار لشراء العملات الرقمية.
مما يمهد الطريق لصناديق الاستثمار لشراء العملات الرقمية.
قال Denis Aleinikov، الشريك الأول في شركة ألينكوف وشركاه للمحاماة في العاصمة مينسك،
“لا توجد نقاط كثيرة للنمو بالنسبة لاقتصادنا اليوم، على الحكومة أن تفعل شيئًا شجاعًا وغير عادي”.
بموجب المرسوم، الذي ساعد ألينكوف في صياغته، تُعفى الشركات في حديقة التكنولوجيا الفائقة في مينسك (HTP) من ضرائب الشركات على الأرباح.
وبدلاً من ذلك، فإنهم يدفعون 1٪ فقط من إجمالي عائداتهم، وفقًا لديمتري ماتفييف، الشريك في شركة ألينيكوف.
وقال إن دخول شركة بالمستندات اللازمة إلى الحديقة يستغرق شهرين.
على الرغم من هذه الحوافز، فإن بيلاروسيا، التي يبلغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة، تمثل أقل من 0.01٪ من معدل تجزئة شبكة Bitcoin بالكامل، وهو مقياس لقوة الحوسبة على الشبكة، وفقًا لمؤشر Cambridge Bitcoin لاستهلاك الكهرباء.
وبالمقارنة، فإن السويد، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين شخص، تمثل 1.18٪ من معدل تجزئة الشبكة، وفقًا لنفس المؤشر.
قال Sergey Klentsov، الرئيس التنفيذي لشركة BiXBiT، وهي شركة مزودة لتكنولوجيا التعدين في بيلاروسيا، إن تقديرات كامبريدج لبيلاروسيا “قريبة جدًا من الحقيقة”.
يُظهر صراع بيلاروسيا لجذب معدنيين العملات الرقمية كيف يمكن للبيئة السياسية للبلد، على الرغم من ظروف العمل المواتية، أن تكون رادعًا رئيسيًا في جذب رأس المال الدولي.
كان هذا هو الحال حتى قبل أن يغزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحليف الوثيق للوكاشينكو، أوكرانيا.
جلبت الحرب عقوبات جديدة ضد روسيا وبيلاروسيا من الغرب، ويبقى أن نرى كيف سيؤثر ذلك على جاذبية مينسك كمكان لتدوير منصات التعدين.
قال Vladimir Marchenko ، كبير مسؤولي المعرفة في BiXBiT، إن العقوبات قد تزيد الاهتمام بالعملات المشفرة.
تناقش حديقة مينسك للتكنولوجيا العالية السماح للسكان باستخدام العملات المشفرة للتسويات بين الأطراف المقابلة، كما قال، مما يشير إلى أنه يمكن استخدام العملات الرقمية قريبًا للتحايل على العقوبات.
قال David Carlisle، مدير السياسة و الشؤون التنظيمية في شركة تحليلات blockchain Elliptic.
تعريفات الكهرباء الجديدة لمعدنيين العملات الرقمية :
قال Yury Kaliah، مدير التعدين في شركة GreenMiner المحلية للتعدين:
“في الوقت الحالي، يعد التعدين الخاص على نطاق صغير أكثر شيوعًا في بيلاروسيا”.
قال كاليا إن رسوم الكهرباء كانت حتى وقت قريب مرتفعة للغاية بالنسبة للتعدين على نطاق صناعي.
في سبتمبر، أعلنت الحكومة أن معدنيين العملات الرقمية سيدفعون أسعارًا تفضيلية للكهرباء، مثل الأنواع الأخرى من مراكز البيانات.
وفقًا لكلينتسوف، يدفع معدنيين العملات الرقمية عادةً ما بين 0.07 دولارًا و 0.09 دولارًا لكل كيلوواط / ساعة، وأقل معدل هو 0.058 دولارًا لكل كيلو وات ساعة.
هذا على قدم المساواة مع أو أفضل من أسعار الكهرباء في الولايات المتحدة مثل تكساس وواشنطن، حيث تم إنشاء عمليات تعدين ضخمة في العامين الماضيين.
هناك، تتراوح الأسعار من 0.07 دولار إلى 0.09 دولار لكل كيلوواط ساعة، وفقًا لمعهد الطاقة العالمي التابع لغرفة التجارة الأمريكية.
تعتمد تعريفة الكهرباء في بيلاروسيا على حجم عملية التعدين، حيث تخضع شركات التعدين التي تبلغ طاقتها حوالي 3 ميغاوات (MW) أو أكثر لرسوم أقل، كما أوضح Sabaleuski، مؤسس شركة مينسك للتعدين المشفرة المتحدة.
تقوم شركة Sabaleuski بتعدين الأثير (ETH) و bitcoin (BTC) بإجمالي معدل تجزئة يبلغ حوالي 50 جيجاهاش، وهي عملية صغيرة وفقًا للمعايير العالمية.
اختراق آخر لسوق الطاقة في بيلاروسيا كان أول محطة نووية لها، والتي بدأت في يونيو 2021.
تبلغ قدرة المحطة 1110 ميجاوات، وفقًا للرابطة النووية العالمية.
ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل مفاعل آخر في وقت لاحق في عام 2022، ليضيف 1110 ميغاواط إلى الشبكة. كلا المشروعين تمولهما روسيا.
“تنتج محطة الطاقة هذه طاقة أكثر مما نحتاجه في بيلاروسيا. ومن ثم، سيتعين علينا إما تصدير الكهرباء أو تعدين الأصول المشفرة، “قال ماتفييف.
وأضاف المحامي أنه كلما زاد استهلاك الكهرباء من المحطة النووية، ستنخفض الأسعار أكثر، حيث تستعيد المحطة استثمارها الأصلي.
قال Yury Kaliaha إنه على الرغم من إنشاء الكثير من الحوافز لتعدين العملات الرقمية، إلا أن الحاجز لا يزال مرتفعًا لأن الحصول على تعريفة خاصة محجوز للعمليات الكبيرة إلى حد ما، حوالي 3 ميجاوات.
وقال:
“على الرغم من وجود أفراد متحمسين يحاولون استخراج عملات البيتكوين أو غيرها من العملات المشفرة، بشكل عام، تنتظر الحكومة كبار المستثمرين لتزويدهم ببعض القدرات ومن ثم تحصيل الضرائب منهم”.
لاحظ بعض المستثمرين التعريفات الجديدة.
هناك طلبات من المستثمرين لاستضافة مواقع التعدين، لكنها نادرة حتى الآن.
وقال Sergey Klentsov نقلاً عن وزارة الاقتصاد إن معظمهم معدنيين العملات الرقمية من روسيا والصين.
يعمل Sabaleuski مع معدنيين العملات الرقمية من أوروبا الشرقية الذين يتطلعون إلى نقل جزء من التجزئة الخاصة بهم إلى بيلاروسيا. وأشار إلى أنه بسبب حالة عدم اليقين بشأن السياسة الحالية في روسيا ، فإن العديد من معدنيين العملات الرقمية هناك يفكرون في نقل عملياتهم.
قال Vladimir Marchenko إنه منذ بدء الصراع، تلقت BiXBiT العديد من الاستفسارات المتعلقة بالتعدين من كازاخستان وروسيا.
تقوم Kaliaha، التي تؤسس شركة لتقديم الخدمة لمعدنيين العملات الرقمية بنظام تسليم المفتاح في بيلاروسيا، بمساعدة شركة سنغافورية في أوراق مينسك HTP.
تتطلع الشركة للانخراط في التعدين في بيلاروسيا.
مسألة استقرار:
قال معدنيين العملات الرقمية إنه من المأمول أن تجلب البنية التحتية الجديدة إمدادًا مستقرًا للكهرباء إلى بيلاروسيا، بحيث لا تتوقف عمليات معدنيين العملات الرقمية أو تقلص.
في جزء آخر من الكتلة السوفيتية السابقة، في كازاخستان، انهارت الشبكة الوطنية تحت ضغط تدفق معدنيين العملات الرقمية في عام 2021 ، فضلاً عن الإخفاقات في البنية التحتية.
تم تقنين الكهرباء في البداية وانقطعت في النهاية عن شركات التعدين العاملة بشكل قانوني، على الرغم من تأكيدات الحكومة.
يعد نظام الطاقة أحد نقاط القوة في بيلاروسيا، وسيساعد بناء المحطة النووية الجديدة البلاد على تجنب المزالق المماثلة لتلك التي في كازاخستان، وفقًا لما ذكره كاليا.
قال Sergey Klentsov من BiXBiT إنه في حين أن شبكة الكهرباء البيلاروسية، الموروثة من الاتحاد السوفيتي، قد انخفضت قيمتها، فإن حالتها ليست حرجة مثل تلك الموجودة في كازاخستان أو كوسوفو.
من الناحية النظرية، إذا كانت هناك قفزة كبيرة في مواقع التعدين الجديدة، فقد يحدث انقطاع التيار الكهربائي، كما أقر. لكنه قال إن الحكومة تعمل مع منتجي وموزعي الطاقة لتقدير حمل الشبكة قبل منح تراخيص التعدين لتجنب أزمة الكهرباء. قال Sergey Klentsov إنه بالنظر إلى أنه من غير المحتمل أن يهاجر عدد كبير من معدنيين العملات الرقمية بين عشية وضحاها، يمكن للشبكة أن تصمد أمام الطلب على الطاقة من المعدنيين.
بخلاف أمن الطاقة، يشكك العديد من المستثمرين الغربيين في الاستقرار السياسي في بيلاروسيا، بالنظر إلى صورتها في الصحافة الدولية.
سيطر القمع العنيف للاحتجاجات المناهضة للحكومة على العناوين الرئيسية المتعلقة ببيلاروسيا في السنوات القليلة الماضية، والهبوط القسري لطائرة تجارية تحمل شخصية معارضة، وما يسميه الاتحاد الأوروبي “استغلال البشر” فيما يتعلق بالمهاجرين واللاجئين الذين يتم دفعهم من بيلاروسيا إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
في الآونة الأخيرة، تعرض تورط بيلاروسيا في الحرب في أوكرانيا لتدقيق شديد.
دخلت القوات الروسية بيلاروسيا لإجراء تدريبات عسكرية ثم اتجهت جنوبًا لمهاجمة العاصمة الأوكرانية كييف.
وبحسب ما ورد استخدم الكرملين الأراضي البيلاروسية لإطلاق صواريخ على أوكرانيا.
نفى الرئيس لوكاشينكو مرارًا وتكرارًا أنه يخطط لنشر قوات نشطة في المعركة.
قال Alan Konevsky، كبير المسؤولين القانونيين في شركة تعدين البيتكوين الأمريكية PrimeBlock، إن تخصيص رأس المال يتطلب الاستقرار ، وتدرك شركات التعدين المشفرة ذلك. وأشار Alan Konevsky إلى الصين وكازاخستان كمثالين على الأماكن التي أدى عدم الاستقرار السياسي فيها إلى تدمير صناعة التعدين.
المحاميان Aleinikov وMetveyev:
قال المحاميان Aleinikov وMetveyev إن حكومة لوكاشينكو ملتزمة بجذب معدنيين العملات الرقمية وشركات التكنولوجيا على نطاق أوسع، على المدى المتوسط على الأقل.
وأشاروا إلى أنه منذ دخول مرسوم رئيس الجمهورية حيز التنفيذ في مارس 2018 لم يطرأ أي تغيير.
وقالوا إن العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات التي تأسست في HTP بعد المرسوم لا تزال قائمة. قال الاثنان إنهما يتوقعان أن تمدد الحكومة المزايا الضريبية الممنوحة لعمال المناجم المشفرة.
قال Sabaleuski، الذي كان يجلس في اجتماعات مع السلطات، إن التعدين تلقى دعمًا واسعًا من الفروع الحكومية.
تجد وزارة الاقتصاد أن قطاع التعدين مواتٍ لأنه يحول بشكل أساسي الأصول البيلاروسية، أي الكهرباء إلى منتج تصديري، عملات مشفرة.
يرى البنك المركزي أنها الخطوة الأولى نحو بناء محافظ blockchain وعملة رقمية، بينما تتمتع سلطات الجمارك بإيرادات من المعدات المستوردة.
وأضاف رجل الأعمال أنه على عكس البلدان الأخرى في الكتلة السوفيتية السابقة، فإن المعدنيين في بيلاروسيا لا داعي للقلق من سرقة آلاتهم بين عشية وضحاها، على حد قوله.
العقوبات الدولية وتعدين العملات الرقمية :
هناك جانب سياسي واحد يميز بيلاروسيا عن دول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى: إنه يعاقب عليه من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
يعرف Sergey Klentsov أن هذه مشكلة: “الصورة السلبية لبلدنا بعد أحداث أغسطس 2020 تثير قلق الشركات الخاصة والسلطات على حد سواء.
بالنظر إلى الموقف، من غير المحتمل أن نتمكن من جذب معدنيين العملات المشفرة من أوروبا أو الولايات المتحدة أو كندا أو دول أخرى في أي وقت قريب “.
كانت هناك بالفعل موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة عندما تم إعلان فوز لوكاشينكو مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية في أغسطس 2020.
قالت منظمة العفو الدولية إن الحكومة ردت على الاضطرابات المدنية بالهراوات والرصاص المطاطي، بما في ذلك الاعتداء على الصحفيين.
تدهورت صورة بيلاروسيا الدولية بشكل أكبر في مايو 2021:
عندما هبطت السلطات بالقوة طائرة تجارية تقل أحد المعارضين.
اتهمت وزارة العدل الأمريكية مسؤولين في حكومة بيلاروسيا بقرصنة طائرات.
تواجه BiXBiT أيضًا مشكلات تتعلق بسلاسل التوريد والخدمات اللوجستية حيث تحاول الحصول على مكونات من الخارج، وفقًا لكلينتسوف.
وقال Sabaleuski من United Mining Group أنه لم يواجه أي مشاكل مع مصادر المعدات.
وقال إن كل ما يتطلبه الأمر هو العثور على مورد في هونج كونج أو البر الرئيسي للصين أو مورد في موسكو، إذا كنت تبحث عن معدات أرخص.
العقوبات التي تخضع لها بيلاروسيا لا تشبه الحظر شبه الشامل على إيران أو كوريا الشمالية.
إنهم يستهدفون كيانات وأفرادًا معينين، وعادة ما يرتبطون بانتهاكات حكومية مزعومة.
قال Carlisle :
“من الناحية النظرية، فإن الشركات البيلاروسية العاملة في مجال التعدين غير الخاضعة للعقوبات ليست بالضرورة مقيدة من التعامل مع شركات من أجزاء أخرى من العالم”.
قال Carlisle، الذي عمل سابقًا في إنفاذ العقوبات في وزارة الخزانة الأمريكية، إن هناك مشكلة: شركات التعدين المشفرة التي تستفيد من “الطاقة أو البنية التحتية الصناعية المملوكة للدولة” قد تخضع للعقوبات.
الشركة التي تجني ببساطة بعض الضرائب أو الفوائد الأخرى من الحكومة ليست مشكلة، ولكن في حالة، على سبيل المثال، تتلقى فيها الحكومة أرباحًا غير متوقعة من أنشطة الشركة، يمكن أن يبدأ قانون العقوبات.
قال Sabaleuski إنه من الممكن القيام بأعمال تجارية في بيلاروسيا مع تجنب الشركات الخاضعة للعقوبات. قال: “أنت تعرف من هم ، ويمكنك فقط تجنب التعامل معهم”.
أقرأ أيضاً : انخفاض صعوبة تعدين البيتكوين للمرة الثانية في مارس والسبب؟