يقول أفلاطون إن البداية هي أهم جزء في العمل، ولكن يبقى أصل منشأ الديكريد ضمن مجتمعها إلى حد ما لغزا فهنالك العديد من الفجوات في بداية قصتها وتبقى أسسها كذلك محاطة بالسرية، بالرغم أن شيئا واحدا يظل واضحا هو أن مؤسسيها ومطوريها يقدرون الخصوصية وعدم الكشف عن هوياتهم ولا يهتموا بأن يكونوا محط الأضواء، عوضا عن ذلك هو إيمانهم بقوة المشاريع ذات المصدر المفتوح والصلابة التي تجلبها مجتمعاتها، وبه اعتراف ضمني منهم أن النجاح لا يأتي منفردا من شخص واحد بل متضافر من أشخاص كثر، لهذا الكل مدعو للمشاركة في مشروع الديكريد. وباعتبارنا كفئة باحثة في المشروع شرعنا في وضع القطع معا، لمعرفة من أين بدأ كل شيء؟ ونقطة البداية في الموضوع هي تحديد: من الذي أسس الديكريد؟ ومتى كان هذا التأسيس؟ . بعد التعمق، يتضح جليا أنه ليس بالبساطة المعتقدة ويتأكد هذا من خلال نفي الافتراض الذي كان سائدا لدى مجتمع الديكريد في كون مُنَظِّم المشروع جيك يوكوم بيات (Jake Yocom-Piatt) هو من أسس المشروع منذ أزله. ولكن في هذه القصة سوف نكشف جذور السيبرانية المتأصلة في الديكريد.
أصل المنشأ
يمكن تتبع أصل المشروع في بداية أبريل ٢٠١٣، وذلك عندما رد شخص غير معروف باسم تاكوتايم (tacotime) على موضوع داخل منتدى Bitcointalk بعنوان “هل تريد صنع عملة بديلة تغير شيئا في الواقع؟” فكان رده في الثالث من أبريل ٢٠١٣، يفيد فيه “أن لديه شيء ما ومنذ فترة يفكر فيه ولكنه في حاجة إلى أشخاص ذو وقت وإلمام بالبرمجة”. وبعد فترة وجيزة، أنشأ تاكوتايم موضوعًا جديدًا ونشر الورقة البيضاء لمقترح الميمكوين٢ (MC2) وهي عملة رقمية هجينة تجمع بين إثبات العمل/إثبات الحصة طورت باستخدام btcd المنصة التي أنشأها مطورو الديكريد الحاليون.
قضى تاكوتايم معظم سنة ٢٠١٣ في محاولة لتنسيق المشروع وتمويله والبحث عن مطور رئيسي له جنبا إلى جنب مع شخص مجهول آخر يسمى انقسوك (_ingsoc) وحسب علمنا، لا أحد يعرف الهوية الحقيقة لهذا الرجل ولكن ما نعرفه هو أن مشاركته وتأثيره في الديكريد كانت ولا تزال أساسا لنجاح المشروع. وفي أوائل عام ٢٠١٤، اتصل انقسوك بالشركة زيرو (C0) والرئيس التنفيذي لها جيك يوكوم بيات وعرض عليه مفهوم الميمكوين٢ لتاكوتايم، حتى يدمجوا جهودهم لتطوير نظام الديكريد، فقد جذبه موهبة فريق التطوير هذا وجهودهم في تطوير البتكوين، وقد تشاركوا الكثير من فلسفات الإدارة التعاونية والدفع من أجل أنظمة بديلة – ليس على حساب البتكوين، ولكن كامتداد لتكنولوجياتها.
في ذلك الوقت كانت الشركة زيرو تسمى ب Conformal System، وهي شركة هندسة برمجيات مفتوحة المصدر ركزت على مجموعة من الحلول الموجهة نحو الخصوصية والأمان شملت التخزين السحابي معدوم المعرفة (Cyphertite) ومعالج دفع البتكوين (Coinvoice) وكان تركيزها آني ذلك على تطوير btcd، وهو تطبيق بديل للعقدة الكاملة للبتكوين مكتوب بلغة بمختلفة اسمها جو(golang)، والذي تم تحويله إلى btcsuite سنة ٢٠١٥. حظيت البنية الأساسية ل btcsuite على تقدير كبير من مجتمع العملات الرقمية ويستخدمها العديد من مطوري هذا المجال بما في ذلك؛ فريق الإيثيريوم، و BitGo و Factom و OpenBazaar وفريق الشبكة البرقية .
وفي ٣٠ نوفمبر٢٠١٥، نشرت الشركة زيرو مقالة توضح فيها التحديات الكبرى التي تواجه البتكوين وهي: الحوكمة، التمويل، وامتلاك المعدنين الكثير من السلطة. وفي ذلك، أوضح جيك أن التحدي الأكبر الذي يواجه البتكوين متعلق بحوكمتها. وسلط الضوء على النزاع الطويل الأمد بين فرق التطوير والمعدنين، نزاع ازداد سوءًا وما زال مستمراً حتى يومنا هذا. أدرك جيك أن السلطة التي يمتلكها المعدنين تتمثل برفض الخدمة عن طريق تعدين كتل فارغة أو فرض رقابة على المعاملات من خلال عدم إدراجها بشكل صريح في الكتل أو عرقلة إضافة مزايا تتطلب قواعد إجماع جديدة. وتكمن المشكلة بأنه قد يكون لدى المعدنين رأي ولدى فرق التطوير ومنصات التبادل رأي أخرى ونظرًا لعدم امتلاك شبكة البتكوين لنظام حوكمة لا مركزية يسمح باتخاذ القرارات وحل الخلافات فلا يمكن للجميع الاتفاق على قرار واحد.
ولعل أهم نقطة أبرزها جيك هي أن حاملي ومستخدمي البتكوين الحقيقيين ليس لهم رأي في أي من القرارات التي تدور حول مستقبل البتكوين. وأشار أيضا في مقالته أن الطريقة التي يتم بها تمويل مطوري البتكوين الأساسيين من قبل كيانات خارجية، مثل Blockstream يمكن أن تخلق تضاربًا حَقِيقِيًّا في المصالح، مما يثير التساؤل حول مدى قدرة الكيانات الخارجية على ممارسة تأثيرها على البتكوين. وخلص جيك إلى أن “الطريقة الوحيدة والمعقولة لإحراز تقدم حقيقي في هذه التحديات هي إنشاء عملة بديلة تنفذ الحلول المقترحة” وبعد ذلك بوقت قصير في ٧ ديسمبر ٢٠١٥ نشرت الشركة زيرو تدوينه أخرى بعنوان (تكرار البتكوين)، والتي اقترحت حلا للمشاكل المذكورة أعلاه.
ولادة الديكريد
في ١٢ ديسمبر ٢٠١٥، ظهر حل المشكلة وهو مشروع الديكريد. وأعلنت الشركة زيرو أن الديكريد ستكون “عملة رقمية مفتوحة المصدر متكيفة وذاتية التمويل مع نظام مجتمعي قائم على الحوكمة المدمج في سلسلة الكتل الخاصة بها”
بعد ثلاثة أيام قدم تاكوتايم منشوره الأخير، عن موضوع الميمكوين2 وكتب تاكوتايم “ سليل هذا النظام موجود هنا– إغلاق هذا الموضوع.” استمر تاكوتايم في المساهمة في المونيرو حتى أواخر عام 2016، ولا يزال مدرجا في فريق مونيرو الأساسي. لكنه اختفى منذ ذلك الحين. ويشك البعض في أن تاكوتايم الآن يساهم في الديكريد ولكن تحت اسم مستعار مختلف؛ ومع ذلك ، فإن الحقيقة هي – لا أحد يعلم.
أخيرًا ، في 8 فبراير 2016، تم إطلاق الشبكة الرئيسية للديكريد ومعها دستور الديكريد الذي يضم مجموعة من القواعد الملزمة والمبادئ التوجيهية التي تم وضعها لإنشاء إطار منصف ومستدام يمكن من خلاله تحقيق أهداف الديكريد.
عندما كُتب الدستور، كانت مهمة المشروع “تطوير التكنولوجيا لتحقيق المنفعة العامة، مع التركيز الأساسي على تقنية العملة الرقمية”. فمنذ ذلك اليوم، تطورت الديكريد إلى شيء يعني الآن العديد من الأشياء المختلفة لكثير من الناس. فلكل شخص أسبابه الخاصة للمشاركة في المشروع. ولكن من الواضح أنه أَيًّا كانت هذه الاختلافات، فإننا نجتمع معا لتشكيل مجتمع مفتوح وحر وشامل يقدر الحوكمة والخصوصية والأمان – وهذه هي المبادئ التوجيهية لدستور الديكريد.
الخاتمة
أسس الديكريد صلبة، وبالنسبة إلى سلسلة كتل بنظام حوكمة لامركزي، هذا أمر مهم. وبمرور الوقت، الديكريد استمعت وتعلمت وتكيفت. لديها تاريخ فريد، متصل بروابط مع البتكوين والمونيرو. إنها عملة رقمية ذات جذور سيبرانية، ومجتمع مفتوح وودي.
ربما تكون قصة أصل الديكريد قد شكلتنا، ولكن من الضروري الآن أن نجتمع معًا للتركيز على مستقبلنا، حيث نهدف للوصول إلى جميع سكان العالم. نحن عملة رقمية لبَشَرِيّة، بواسطة البَشَرِيّة ومن أجل البَشَرِيّة. يمكن لأي شخص يقرأ هذا المقال أن يقدم مساهمة إيجابية في المشروع، ويمكنه إجراء تغيير إيجابي. إذا تمكنت من إضافة قيمة إلى المشروع، فلن تضيف فقط قيمة إلى ممتلكاتك الخاصة فحسب، بل ستساعد في إنشاء شيء قادر على تغيير العالم للأفضل.
أصبحت الديكريد عملة رقمية تقدمية بطبيعتها. ونظامها الفريد للحوكمة يسمح لها بالتطور بسرعة ووفقًا لرغبات أصحاب الحصص. اكتملت خريطة ديكريد لعام 2020 بنسبة بلغت أكثر من 95٪ ، وهناك شيء واحد واضح، ماذا سيحدث لمشروع الديكريد الآن متروك لحاملي العملة.
ظهر النص الأصلي على : Decred where did it all begin في 10 يونيو 2017.
المصادر
1- https://insaf01.github.io/decred-arabic/articles/decred-where-did-it-all-begin.html
2- https://thedecreddigest.wordpress.com/2017/06/10/decred-where-did-it-all-begin/
مصادر عربية تهمك
مجلة الديكريد : https://xaur.github.io/decred-news/
مقالات الديكريد : https://insaf01.github.io/decred-arabic/
قناة الديكريد العربية على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCCtB2BfsA2VdT0FJXpsYICA/videos
حساب الديكريد العربي على تويتر : https://twitter.com/DecredArabia
قناة مجتمع ديكريد العربي على التليقرام : https://t.me/decredarabia
لمعلومات اكثر تفصيلا اقرا المقال التالي :